برنامج مودة الوطني لتأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج
إننا اليوم في عالم يموج بالكثير من المتغيرات ، والعديد من التهديدات والتحديات ، ولعل أخطرها على الاطلاق هو الحفاظ على تماسك الأسرة وحفظ كيانها وتمكينها من القيام بدورها الاجتماعي والتنموي وسط هذا الخضم الهائل من التحديات. ونتيجة لهذا ، وللتغيرات المتسارعة في هذا العصر ، فقد تولدت العديد من المشاكل والهموم الاجتماعية جعلت المجتمع بنظمه وأنساقه المتنوعة يتجه بشكل تلقائي وفي تطور طبيعي إلى تكوين ردات فعل لمقاومة الآثار السلبية لعوامل التغير المجتمعي ، ولعل أبرز أساليب هذه المقاومة يتمثل في انشاء مؤسسات المجتمع المدني كالمؤسسات والجمعيات الخيرية التي تفي بتلك المتطلبات ، والتي قد لا تستطيع الأجهزة الحكومية القيام بها بمفردها ، ولعل أكثر المتأثرين بهذه التحديات هي مؤسسة الزواج والأسرة التي تواجه سيلاً من المؤثرات المتسارعة ، تعصف بأمنها واستقرارها مفككة كيانها ومشتتة لأبنائها وبناتها نتيجة ارتفاع نسب الطلاق في المجتمع وما يترتب عليه من آثار وتبعات اجتماعية خطيرة. فالطلاق ليس مجرد انفصال بين الشريكين ، فهو قد يكون وصمة عار اجتماعية للمرأة ، وسبباً في ضياع الأبناء والحقوق ، وهو كذلك سبب لكثير من المشكلات والمعضلات الاجتماعية ، وقد أشارت الإحصائيات إلى أن (60%) من حالات الطلاق تقع في السنة الأولى من الزواج ، وأشارت دراسة اخرى أن (80%) من الأطفال نزلاء دور الملاحظة الاجتماعية ممن ارتكبوا جرائم مختلفة هم نتاج آباء منفصلين ، كذلك صرح المسئولون في وزارة العدل وفي أكثر من موضع بأن أغلب القضايا الحقوقية التي تنظر في المحاكم هي قضايا الطلاق ، وفي دراسة اجتماعية أخرى تبين أن أغلب المستفيدات من الضمان الاجتماعي هن من المطلقات وفي ذلك مؤشر واضح على مساهمة الطلاق في رفع نسبة الفقر في المجتمع ، كما أشار التقرير الإحصائي لوزارة العدل لعام 1429هـ إلى تغيير بالزيادة بـ55% لإجمالي عقود النكاح وصكوك الطلاق على مستوى المملكة للفترة ما بين 1420-1429هـ ، وقد أرجعت الدراسات التي تم إجراؤها مؤخراً أسباب الطلاق إلى العديد من المسببات أهمها الخلل القيمي وانخفاض الوعي الحقوقي الأسري وضعف التوافق الزواجي والجفاف العاطفي وتدخل الأهل وانعدام الحوار ، بالإضافة إلى العنف الأسري بكافة أشكاله وصوره والعديد من الأسباب الأخرى. وللمساهمة في معالجة هذه المشكلات مع باقي المؤسسات الاجتماعية ، عمدت جمعية “مودة” وفق معايير ومرتكزات محورية ، وبالتعاون مع بيوت الخبرة والاختصاص إلى إطلاق (برنامج مودة الوطني لتأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج) بعد دراسة أبرز برامج التأهيل الزواجي عالمياً وعربياً لإنتاج برنامج قيمي شامل وفريد من نوعه يهدف إلى توعية الأجيال بمهارات الاستقرار الأسري ، ونشر الثقافة الحقوقية الأسرية عبر مواد دراسية بدءاً من المرحلة الابتدائية وانتهاءً بالمرحلة الجامعية بالتعاون مع الجهات المختصة بالإضافة إلى الدورات التدريبية والتأهيلية لعامة المجتمع والتي ستصمم خصيصاً لهذا البرنامج على أيدي أبرز المتخصصين في المجال الأسري والزواجي، وتحرص الجمعية على أن يتطابق هذا البرنامج تماماً مع المعايير الشرعية والقيم الأخلاقية التي حث عليها الإسلام ، ويراعي عادات وثقافة المجتمع السعودي ، مع الأخذ بأعلى المعايير والمناهج العلمية المتبعة في بناء البرامج المجتمعية ، التي تراعي الفروقات النوعية والعمرية، والثقافية، وتستوفي أحدث الجوانب النظرية والمجالات التطبيقية والتكنولوجية بحيث يكون برنامجاً وطنياً شاملاً وحيوياً يستوعب التطورات العصرية، ويتمتع بالمرونة الشكلية ، وثراء المحتويات الضمنية وفق جداول زمنية ، وأهداف إجرائية محددة. وترتكز محاور البرنامج الرئيسية على عدد من الجوانب يأتي في مقدمتها الجوانب الشرعية الحقوقية لتكون المرتكز الأصلي والانطلاقة الأساسية ، ثم الجوانب الاجتماعية والتربوية بأبعادها الثقافية المتنوعة ، والجوانب النفسية والعاطفية بفروقاتها بين الجنسين ، ثم يتناول الجوانب الطبية بطريقة وقائية وعلاجية ، والجوانب الاقتصادية والإدارية في التخطيط الأسري بالإضافة إلى الجوانب المهارية والتطبيقية ليكون المخرج النهائي للبرنامج مشتملاً على مواد تعليمية قابلة للتدريس في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية ، وحقائب تدريبية متنوعة لطلبة وطالبات الثانوية العامة، ومادة تعليمية لطلبة وطالبات الجامعات يمكن أن تدرس كمتطلب جامعي كما يشمل البرنامج أيضاً على حقائب تدريبية للمتزوجين وللمقبلين والمقبلات على الزواج من غير فئات الطلبة مع مراعاة الفروق النوعية والثقافية بين المتلقين ، وحقائب تدريبية لوالدي الزوجين، ويتضمن عدداً من ورش العمل والمحاضرات والندوات والبرامج التطبيقية والعملية ، بالإضافة إلى وسائل تعليمية وتكنولوجية مساندة لتتكون هذه المخرجات في النهاية في مكون متوازن يتسم بالسلاسة والشمول في الطرح والتطبيق، ويســــــتهدف كافة فئات المجتمع بلا اســـــــتثناء بداءً من الطلبة والطالبـــات في جميع المراحل التعليمية وانتهاءً بعموم المتزوجين والمقبلين والمقبلات على الزواج من كافة الأعمار والخلفيات الثقافية ، وحتى الوالدين والأهل.
وقد استندت جمعية “مودة” في تحديدها لمكونات وشكل البرنامج على تجربتين هامتين وهما:
1-التجربة اليابانية: خرجت اليابان من الحرب العالمية الثانية دولة محطمة من جميع النواحي، غير أن اليابانيين شرعوا سريعاً في وضع الخطط والبرامج والمسارات التي من شأنها أن تنهض ببلادهم من كبوتها ، وكان من أبرز هذه المسارات مسار التربية وبناء الإنسان الياباني ، والذي يجمع المراقبون على أنه سر ازدهار ونهضة اليابان مضرب المثل في الحضارة والتقدم في هذه العصر. وقد وصلت اليابان إلى هذا المستوى الرفيع من التقدم والرقي والازدهار بسبب اهتمام قادتها بتدريس مادة التربية الأخلاقية (Moral Education) في جميع مراحل التعليم العام من المرحلة الابتدائية وحتى المرحلة الجامعية. وقد أصبح مشروع بناء الإنسان الياباني مشروعاً قومياً للدولة قال عنه وزير التعليم الياباني عندما سئل عن سر تقدم وتفوق بلاده في شتى مناحي الحياة (السر يرجع إلى تربيتنا الأخلاقية).
2-التجربة الماليزية: شهدت ماليزيا في فترة من الفترات ارتفاعاً كبيراً في نسب الطلاق حتى وصلت في عام 1993م إلى 32% مما أثر سلباً على النمو الاقتصادي الماليزي ، وأدى إلى ظهور العديد من المشكلات الاجتماعية وهو ما دعى رئيس الوزراء آنذاك الدكتور مهاتير محمد إلى إصدار قرار بإنشاء مراكز لتأهيل وإعداد المقبلين والمقبلات على الزواج، وقد نجحت هذه المراكز من خلال برامجها التأهيلية والتدريبية إلى خفض نسب الطلاق في المجتمع الماليزي بشكل كبير حتى وصلت خلال عشر سنوات إلى 6%. هذا وقد أطلقت “مودة” ورشة العمل الأولى لبرنامجها التأهيلي هذا برعاية معالي وزير الشؤون الاجتماعية في 3 ربيع الآخر 1433هـ وبحضور عدد كبير من المتخصصين والمتخصصات والجهات ذات العلاقة في مقدمتهم معالي نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنات الأستاذة نورة الفايز التي أكدت على أهمية البرنامج ، واقترحت شراكة حقيقية بين جمعية “مودة” والمؤسسات ذات العلاقة وأهمها مؤسسات التعليم العالي والعــام وهو مـا حصل بالفعل حيث تم حتى الآن انضمام عدد من الجهات المختصة إلى اللجنة العلمية المشرفة على البرنامج وهم وزارة التربية والتعليم ، وزارة الشؤون الاجتماعية، وزارة العدل ، ومشروع الملك عبد الله بن عبد العزيز لتطوير التعليم العام (تطوير) ، اللجنة الوطنية للطفولة ، إلى جانب المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ، بالإضافة إلى برنامج الأمان الأسري الوطني ، وكرسي الأميرة صيتة بنت عبد العزيز لأبحاث الأســـرة في جامعـــــة الملك سعود ، وتقوم الجمعية حالياً بالإعداد للبرنامج بالتعاون مع شركة أوليفر وايمان (Oliver Wyman) وهي أحدى كبار الشركات الاستشارية العالمية ، إلى جانب قسم القيم الأخلاقية في جامعة هارفرد العريقة بالإضافة إلى عدد من المتخصصين المميزين على المستوى الخليجي والعربي.
أهداف البرنامج
· توعية الأجيال بمهارات الاستقرار الأسري .
· تحقيق السعادة الأسرية والتوافق الزواجي .
· نشر الثقافة الحقوقية الأسرية .
· التقليل من نسب الطلاق في المملكة العربية السعودية والحد من آثاره .
معايير برنامج مودة الوطني لتأهيل المقبلين والمقبلات على الزواج
الاستعانة ببيوت الخبرة والاختصاص في تأليف المواد العلمية وتصميم البرامج التدريبية .
التطابق التام مع المعايير الشرعية والقيم الإسلامية .
مراعاة عادات وتقاليد وثقافة المجتمع السعودي .
الأخذ بالمعايير العلمية والمنهجية في بناء البرامج
مراعاة الفروق العمرية والنوعية والثقافية في تصميم البرامج
استيفاء أحدث الجوانب النظرية والتطبيقية والتكنولوجية .
الشمولية والمرونة والتوازن في التعامل مع طرفي العلاقة .
المحاور الرئيسية للبرنامج
الجوانب الشرعية الحقوقية وهي المرتكز الأصلي والانطلاقة الأساسية .
الجوانب الاجتماعية والتربوية بأبعادها الثقافية المتنوعة .
الجوانب النفسية والعاطفية وفروقاتها لدى الجنسين .
الجوانب الطبية بشقيها الوقائي والعلاجي .
الجوانب الاقتصادية والإدارية في التخطيط الأسري .
الجوانب المهارية والتطبيقية المبتكرة .
الفئات المستهدفة من البرنامج
· طلبة وطالبات المرحلة الابتدائية ، والمتوسطة والثانوية .
· طلبة وطالبات الجامعات .
· المقبلين والمقبلات على الزواج من غير الطلبة .
· عموم المتزوجين .
· والدي الزوجين .
· المستشاريين الأسريين
مكونات البرنامج
موسوعة للزواج والأسرة تشكل المادة العلمية الرئيسية للبرنامج وتتكون من عدد من المحاور(المحور الشرعي / القانوني المحور الاجتماعي/ التربوي ، المحور النفسي/ المهاري، المحور الاقتصادي / الإداري ، المحور الطبي ، المحور التطبيقي/ التكنولوجي ) يستخلص من هذه المادة عدد من المكونات على النحو التالي:
كتاب جامع لأمور الزواج والأسرة (موسوعة الزواج والأسرة) .
مادة تعليمية قابلة للتدريس لطلبة وطالبات الجامعة ككتاب جامعي .
مادة تعليمية قابلة للتدريس لطلبة وطالبات المرحلة المتوسطة .
مادة تعليمية قابلة للتدريس لطلبة وطالبات المرحلة الابتدائية .
عدد من الحقائب التدريبية لطلاب وطالبات الثانوية العامة (كأنشطة لاصفية) .
حقائب متعددة للمقبلين والمقبلات على الزواج من غير فئة الطلبة يراعى فيها الفروق الجنسية والثقافية بين المتلقين (دليل المدرب ، دليل المتدرب) .
حقيبة تدريبية لوالدي الزوجين .
وسائل تعليمية وتطبيقية وتكنولوجية مساندة .
نسخة التعلم عن بعد .
- نسخة التدريب الالكتروني .